الجنوب برس

الذكرى (62) لثورة (14) أكتوبر: تجليات الثورة، أهميتها، وانعكاساتها في الحاضر
كتب: د.عادل السريحي
تحل علينا اليوم الذكرى الثانية والستون لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، تلك الثورة التي اندلعت في عام 1963 ضد الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن، فكانت شرارة التحرر الوطني التي مهّدت الطريق لنيل الاستقلال في 30 نوفمبر 1967، وتأسيس الجمهورية الجنوبية المستقلة بعد أكثر من 129 عامًا من الاحتلال.
تجليات الثورة وأهم محطاتها
تجلّت ثورة 14 أكتوبر في إرادة شعبية صلبة، تجسّدت في العمل المسلح الذي انطلق من جبال ردفان بقيادة البطل راجح بن غالب لبوزة، وسرعان ما عمّ مختلف مناطق الجنوب. لم تكن الثورة عملاً عسكريًا فحسب، بل كانت مشروعًا وطنيًا متكاملًا شارك فيه العمال، والطلاب، والنساء، والقبائل، والقوى السياسية التقدمية. تشكلت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل، ثم الجبهة القومية لتحرير الجنوب، كأطر نضالية موحدة، حملت السلاح والفكر في آن واحد.
أهمية الثورة للشعب الجنوبي
مثلّت ثورة أكتوبر نقطة تحول محورية في تاريخ الجنوب، إذ أنها أعادت للشعب الجنوبي كرامته، وحقه في تقرير مصيره، وأثبتت أن الشعوب قادرة على كسر قيود الاستعمار مهما طال أمده. كانت الثورة تعبيرًا صادقًا عن تطلع الجنوبيين للحرية، والعدالة، والحكم الوطني، ورفضًا للهيمنة الأجنبية التي نهبت الثروات، وقمعت الحريات، وشرذمت النسيج الوطني.
انعكاسات الثورة على الواقع الاجتماعي
لم تكن ثورة أكتوبر مجرد انتصار سياسي، بل أحدثت تحولًا اجتماعيًا عميقًا، حيث سقطت البنى التقليدية التي كانت قائمة على التبعية والقبلية والانقسام. وساهمت الثورة في:
تعزيز التعليم وتأسيس مؤسسات تعليمية وطنية.
إطلاق برامج الإصلاح الزراعي وتمليك الأرض للفلاحين.
تحسين أوضاع المرأة، وإشراكها في الحياة العامة.
بناء مؤسسات دولة حديثة ذات طابع مدني.
استلهام الثورة في واقعنا اليوم
رغم ما يمر به الجنوب اليوم من تحديات، تبقى ثورة أكتوبر منبعًا لا ينضب للإلهام. فقد علمتنا الثورة أن الاستقلال لا يُمنح، بل يُنتزع، وأن بناء الدولة لا يتم إلا بالإرادة الشعبية الواعية، والوحدة الوطنية، والعدل الاجتماعي.
نستلهم اليوم من الثورة روح التضحية، ووحدة الصف، ووضوح الهدف، في وقت تتجاذب فيه الأوضاع السياسية صراعات كثيرة. كما تُذكرنا الثورة بضرورة تجذير الوعي الوطني في الأجيال الجديدة، وربط الحاضر بالماضي دون الوقوع في فخ الجمود أو تمجيد الشعارات الخاوية.
خاتمة
في الذكرى الثانية والستين لثورة 14 أكتوبر، نقف بإجلال أمام تضحيات المناضلين الذين فجّروا الثورة وصنعوا الاستقلال. ونتطلع إلى مستقبل يتجاوز الماضي، مبني على القيم التي حملها الثوار: الحرية، السيادة، العدالة، والكرامة. فالثورة ليست مجرد ذكرى نحتفل بها، بل مسؤولية مستمرة في بناء وطن حر ومستقر يليق بأحلام من ناضلوا وضحّوا من أجله.