18/04/2025

هند الارياني: لماذا لم تنشر صور نساء اليمن في هذه المناسبة..؟! 

 

كتابات وتحليلات الجنوب برس 

 

في كلّ عيد عندما أرى رجال اليمن ينشرون صورهم مع أطفالهم، أشعر بالحزن أن نساء اليمن لا وجود لهنّ. فصورة المرأة عيب وعار أن ينشره زوجها الذي سيتمّ اتهامه بالدياثة وبأنه عديم الرجولة. عندما نعود للوراء نجد أن صورة المرأة وظهور وجهها وتقبّل الناس لذلك يختلف بحسب ظروف الزمان والمكان والطبقة الاجتماعية.

أتذكّر جيّدًا جدتي وهي ترتدي النقاب الذي يكاد أن يطبق على أنفاسها وهي بداخل السيارة وتلهث سريعاً وكأنها في ماراثون، وبدا لي غريبًا لماذا تصرّ على ارتداء النقاب رغم أنها تعاني من الربو؟ كانت جدتي تقول: لا يجوز أن يرى رجل وجه "مرة الحاكم". والحاكم في اليمن هو القاضي، وكان جدي قاضيًا دينيًّا وحاكمًا لمدينة جبلة، ورغم أنه توفّي قبل أن أولد إلا أن جدتي كانت لا تزال تردّد جملة "لا يجوز. ماذا سيقولون؟!"، وبالطبع كانت والدتي وخالاتي وعماتي جميعهن منتقبات.

وبعكس جدتي كانت الكثير من نساء جبلة لا يغطّين وجوههنّ، ولكن فكرة أن امرأة الحاكم يجب أن تغطّي وجهها هي فكرة موجودة في تقاليد العرب حيث أن الرسول مثلا نساؤه لا تجوز رؤيتهن، وليومنا هذا الكثير من الدول الخليجية لا تظهر فيها نساء الحاكم بينما هناك مساحة أكبر من الحرية لنساء العامة.

بنات جيلي كان وضعهنّ أفضل قليلًا حيث كشفنا عن وجوهنا مع تغطية الرأس، ولكن ظلّت فكرة التصوير مخيفة. علينا الحفاظ على صورنا كيلا يراها أيّ رجل، وإلى يومنا هذا ما زالت النساء اليمنيات يخفن من التصوير، ويستطيع رجل نذل أن يهدّد المرأة بصور عادية لها فقط لأنها ظهرت في الصورة لا تغطي شعرها.

بسبب الحرب وسفر عدد كبير من اليمنيين للخارج، تجرّأ الكثير من الشباب المتزوجين بنشر صورهم مع زوجاتهم. أما المرأة إن كانت متزوجة، ولكي تحمي نفسها من اتهامات المجتمع، عليها أن تضع صورتها مع زوجها حيث أن المجتمع القاسي مع الزوج الذي ينشر صورة زوجته يكون أكثر قسوة لو كانت هي من تنشر صورها بنفسها، فهم يفسّرون ذلك بأنها تريد إغراء الرجال وتبحث عن رجل وتشعر عائلتها بالعار.

لديّ أمل بأن هناك تغيّرًا ولو طفيفًا يحدث مع السنوات، وأنّ صور النساء بدأت تظهر أكثر وأكثر كلّ يوم، فأحيانًا أجد من يضع صورة والدته الكبيرة في العمر، ومن يضع صورة ابنته المراهقة ولكنه يتجنّب صورة زوجته، وهناك قلّة قليلة جدًّا ممّن يضعون صورهم مع نسائهم. هذه الخطوات البسيطة قد تهيء لمستقبل سيكون فيه وجه المرأة ليس عورة، وإنما فقط وجه مثله كمثل وجه الرجل، ونرى صورًا أكثر للنساء في كلّ الأعياد، وقتها ستكون أعيادنا مباركة، وأكثر سعادة.