30/07/2025

تصحيح المفاهيم (للإ... فقط!) : اليمن ليس دولة بل منطقة جغرافية واسعة

 

كتب - حافظ الشجيفي

 

في رحاب التاريخ والجغرافيا، تتكشف حقائق تتجاوز حدود الدول السياسية، لتكشف عن أبعاد أعمق للسياقات الثقافية والسياسية التي شكلت المنطقة العربية. وفهم المصطلحات الجغرافية والتاريخية بدقة هو مفتاحٌ لفك رموز العلاقات المعقدة بين الشعوب والأوطان، ولتفنيد الادعاءات التي تُبنى على سوء فهم أو تضليل متعمد.

لقد تم تشويه مصطلح "اليمن" بمرور الوقت، ليُستخدم بشكل شائع للإشارة إلى بلدٍ واحدٍ محدد، بدلاً من معناه الأصلي الذي يشير إلى منطقة جغرافية واسعة. فاليمن، في سياقه التاريخي والجغرافي الأصيل، ليس مجرد دولة، بل هو جهة جغرافية تقع على يمين الكعبة المشرفة وتضم عدة دول، منها الجنوب العربي، الذي عُرف سابقاً بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وسلطنة عمان، والجمهورية العربية اليمنية سابقاً وإدراك هذه الحقيقة أمرٌ بالغ الأهمية، لانه يضعنا أمام فهمٍ أكثر شمولاً للسياق التاريخي والثقافي والسياسي لهذه المناطق، ويساعدنا على تفنيد الادعاءات التي تحاول اختزال هذه الجغرافيا المتنوعة في كيان سياسي واحد.

وبالمثل، فإن كلمة "الشام"، التي تستخدم غالباً للإشارة إلى جهة جغرافية معينة في الشرق الأوسط، مشتقة من كلمة "الشمال"، وتشير إلى المنطقة الواقعة شمال الكعبة المشرفة. وتشمل دولاً ذات هويات تاريخية وسياسية وثقافية متميزة ومختلفة، مثل سوريا، والأردن، ولبنان، وبلاد ما بين النهرين (العراق). وفهم هذا الاختلاف والتعدد الجغرافي بين "اليمن" كجهة تقع في يمين الكعبة و"الشام" كجهة تقع في شمالها، يساعدنا على استيعاب الحقائق التاريخية والسياسية المتعلقة بعلاقة الجنوب العربي باليمن الشمالي، ويفند الادعاءات التي تحاول ربط الجنوب بدولة الجمهورية العربية اليمنية ككيان سياسي واحد، متجاهلةً هويته المستقلة وتاريخه الخاص.

إن الجنوب العربي، أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً، هو جزء لا يتجزأ من جغرافية "اليمن" كجهة جغرافية واسعة، حيث يقع ضمن نطاقها الجغرافي. لكن هذا لا يعني أنه جزءٌ من دولة الجمهورية العربية اليمنية ككيان سياسي. فالجنوب العربي هو دولة مستقلة بذاتها، ولها هويتها الفريدة، وتاريخها النضالي والثقافي، وتطلعاتها السياسية الخاصة. والاعتراف باليمن كمنطقة جغرافية واسعة، وليس كدولة واحدة، يسمح لنا بفهم سياقها التاريخي بشكل أفضل، وإدراك أن الدول المختلفة داخل هذه المنطقة تتمتع بهويات سياسية وجغرافية مستقلة.

حيث إن فهم هذه الفروق في المصطلحات والجغرافيا هو ما يمنحنا القدرة على تقدير الأهمية التاريخية والسياسية لهذه المناطق، وإدراك تنوعها الثقافي. فاليمن كجهة جغرافية تضم دولاً متعددة، والشام كمنطقة شمالية تضم دولاً أخرى، كل ذلك يشكل فسيفساء غنية من التاريخ والثقافة والهوية. وبفهم هذه الحقائق، نكتسب رؤية أعمق للعلاقات بين هذه الكيانات، ونستطيع تفنيد أي محاولات لتشويه التاريخ أو تزوير الحقائق الجغرافية والسياسية.

فوقوع الجنوب العربي ضمن جغرافيا اليمن كجهة تقع يمين الكعبة لا يعني أبداً أنه يجب أن يتحد مع بقية الكيانات السياسية الواقعة في نفس هذه المنطقة. وما ينطبق على دول الشام من حيث استقلاليتها وهوياتها السياسية والجغرافية المتميزة، هو نفسه ما ينطبق على الدول الواقعة في جغرافية اليمن. كما ان الجنوب العربي لايعبر عن هوية سياسية، بل هو منطقة جغرافية واسعة، تدل على تلك المنطقة التي تقع أقصى جنوب الوطن العربي، والتي سُميت بجمهورية اليمن الديمقراطية بعد استقلالها من الاستعمار البريطاني كهوية سياسية لها، مما يؤكد على استقلاليتها وتميزها عن الكيانات السياسية الأخرى ضمن نفس الجهة الجغرافية لليمن.