02/07/2025

ليست تغييرات مناخية فقط.. بل أفريقيا تتفكك: العلماء يؤكدون بداية انقسام القارة إلى جزئين وولادة محيط جديد

 

اخبار وتقارير الجنوب برس  

 

في تحول جيولوجي كبير يثير اهتمام الأوساط العلمية حول العالم، كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Geoscience عن أدلة واضحة على بداية انقسام القارة الإفريقية إلى شطرين، بفعل نشاط جيولوجي عميق يحدث في باطن الأرض تحت شرق القارة، وتحديدًا في منطقة عفر بإثيوبيا. هذا الانقسام، الذي قد يستغرق ملايين السنين ليكتمل، قد يؤدي إلى ولادة محيط جديد يشق طريقه بين الكتلتين القاريتين المنفصلتين.

تعود جذور هذا الانقسام إلى ما يُعرف بـ"الصدع الإفريقي الشرقي"، وهو نظام من التصدعات يمتد من خليج عدن شمالا إلى موزمبيق جنوبا، بطول يتجاوز 3 آلاف كيلومتر. وتشير القياسات الحديثة إلى أن هذا الصدع يشهد توسعا تدريجيا بمعدل يتراوح بين 6 و7 ميليمترات سنويا، مما يعزز فرضية أن شرق إفريقيا في طريقه للانفصال عن باقي القارة.

ما يُثير الدهشة، بحسب ما كشفه فريق البحث، هو أن هذه الحركة لا تحدث بفعل قوى تكتونية سطحية فحسب، بل مدفوعة بما يشبه "نبضات قلب من الماجما" تنبع من أعماق الأرض. هذه النبضات، وهي تدفقات ضخمة من الصخور المنصهرة، ترتفع إلى أسفل القشرة الأرضية، فتضعفها وتؤدي إلى تشققها بشكل منتظم ومتكرر. العلماء شبّهوا هذه الظاهرة بـ"إيقاع ينبض" داخل الأرض، يتحكم بشكل تدريجي في إعادة تشكيل ملامح إفريقيا الجيولوجية.

وتكتسب منطقة "عفر" أهمية خاصة في هذا السياق، كونها النقطة التي تلتقي فيها ثلاث صفائح تكتونية رئيسية: الصفيحة الإفريقية، والصفيحة الصومالية، والصفيحة العربية. هذا التلاقي يجعل من المنطقة واحدة من أكثر البؤر النشطة جيولوجيًا في العالم. في عام 2005، شهدت المنطقة شقًا أرضيًا كبيرًا بلغ طوله 60 كيلومترا خلال أيام قليلة فقط، ما اعتبره العلماء مؤشرا حيا على سرعة التحولات الجارية في أعماق الأرض.

ومع تكرار هذه الظواهر، بدأ الباحثون يلاحظون أن أجزاء من شرق القارة، بما في ذلك الصومال وأجزاء من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا، قد تنفصل تمامًا عن الكتلة الرئيسية للقارة، مشكلة بذلك قارة جديدة مستقلة خلال مدة زمنية تتراوح بين 5 إلى 30 مليون سنة. وبين الكتلتين المنفصلتين، سيولد محيط جديد، قد يُشبه في اتساعه محيطات العالم الكبرى.

ورغم أن هذه التغيرات الجيولوجية تحتاج لملايين السنين، إلا أن آثارها بدأت تظهر على السطح بالفعل، من خلال النشاط البركاني المتزايد، والتشقق الأرضي، والزلازل المتكررة في مناطق شرق إفريقيا. هذا ما يدعو الحكومات في المنطقة إلى أخذ هذه المعطيات على محمل الجد، خصوصًا فيما يتعلق بالتخطيط العمراني، والبنى التحتية، والتأهب للكوارث الطبيعية.

لا شك أن انقسام إفريقيا يشكل حدثا جيولوجيا غير مسبوق في التاريخ المعاصر، ويعيد للأذهان كيف أن القارات نفسها ليست كيانات ثابتة، بل تتحرك وتتشكل عبر ملايين السنين. ومع التقدم العلمي في أدوات القيس والرصد الفضائي، بات بإمكان العلماء اليوم رصد هذه التغيرات بدقة غير مسبوقة، والتنبؤ بمساراتها المستقبلية.. وهذا يعني ان العالم لايدخل مرحلة التغييرات المناخية التي يشهدها العالم من عام الى آخر فحسب.. وانما يدخل مرحلة تفكك خطيرة كما هو في الدراسة. 

الصورة المرفقة تحليلية بحسب الدراسة للتصدع الافريقي الجيولوجي (Michael Nagy - Satellite Mapping and Remote Sensing Research)

إعداد: مونت كارلو الدولية