18/04/2025

مسيرة "بيرقدار": هل فقدت "فخر الصناعة التركية" بريقها بعد النكسات المتتالية؟

 

تكنولوجيا وعلوم الجنوب برس 

 

اكتسبت المسيرة التركية "بيرقدار" شهرة واسعة في الأشهر الأولى من الحرب الأوكرانية، بعدما استخدمها الجيش الأوكراني بفعالية في مواجهة التقدم الروسي، مما منح كييف قدرة نوعية على استهداف الآليات والجنود الروس. غير أن هذه الطائرة، التي صُورت على أنها "فخر الصناعة التركية"، واجهت نكسات عدة كان آخرها خلال الأسبوعين الماضين إذ أُسقطت واحدة في مالي وأخرى في سوريا.

 

في مارس أعلنت الجزائر عن إسقاط مسيرة اخترقت أجوائها من جانب الحدود مع مالي، حيث تشهد المنطقة اشتباكات بين الجيش باماكو وجماعات مسلحة، تم توثيقها وتصويرها.

ورغم أن السلطات المالية أكدت سقوط الطائرة إلا أنها أشارت إلى أنها فتحت تحقيقا في الحادث. وسواء أكانت الطائرة قد أُسقطت أم سقطت نتيجة خلل فني، فإن الحادث يُعد محرجا لباماكو، خاصة وأنها لم تتسلم من تركيا سوى طائرتين من طراز " بيرقدار - أقنجي".

هذا الحادث أثار قلقا في أنقرة أيضا، كونه يأتي بعد أسبوعين فقط من سقوط طائرة أخرى تابعة للجيش التركي في إقليم كردستان العراق في 16 آذار - مارس. وكان حزب العمال الكردستاني قد نشر شريط فيديو يُظهر لحظة الاستهداف.

يُذكر أن تقريرا لموقع Business Insider في العام 2024 أشار إلى احتمال امتلاك حزب العمال الكردستاني لصواريخ مضادة للطائرات من صنع إيراني. ولفت التقرير إلى أن هذه الصواريخ قد تكون وصلت إلى يد الحزب عبر عمليات تهريب أو من خلال طرف ثالث، وليس بالضرورة عن طريق إيران بشكل مباشر.

لكن أيا تكن مصادر التقنيات التي يستخدمها حزب العمال الكردستاني، فقد أثبتت فعاليتها في إسقاط عدد متزايد من الطائرات المسيرة التركية خلال العام الماضي. الأمر ذاته ينطبق على قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا.

منذ أواخر عام 2024، أفادت تقارير عدة بأن قوات سوريا الديمقراطية قد طورت أو حصلت على قدرات متقدمة لمواجهة الطائرات المسيرة، إذ تمكنت من إسقاط مسيرات تركية من طراز "بيرقدار تي بي 2"، و"أكسنغور"، و"عنقاء".

يذكر أن جميع المسيرات التركية التي أُسقطت فوق سوريا هي طائرات متوسطة الارتفاع وطويلة التحليق (MALE). وتُعد "بيرقدار تي بي 2" من بين هذه الطائرات الأكثر انتشارا، وهي منخفضة التكلفة نسبيا، ما يجعل خسارتها أقل تأثيرا في المعارك.

أما " بيرقدار - أقنجي"، التي أُسقطت في مالي، فتُصنف ضمن فئة الطائرات عالية الارتفاع وطويلة التحليق (HALE)، وتتميز بتقنيات استشعار متطورة، وقدرة على حمل حمولة أثقل بكثير، فضلا عن إمكانات تسليحية متقدمة تشمل صواريخ باليستية تُطلق من الجو وصواريخ جو-جو.

في هذا الإطار، أوضح تقرير لموقع "فوربس" أنه إذا كانت القوات الجوية الجزائرية هي من أسقطت طائرة "أقنجي"، وليس المجموعة الانفصالية، فإن ذلك يُعد أقل ضررا على سمعة الطائرة بشكل عام. فمعظم الطائرات المسيرة، مهما بلغت قدراتها، لا تملك فرصة حقيقية في مواجهة مقاتلات عالية الأداء مزودة بصواريخ جو-جو بعيدة المدى، أو أنظمة دفاع جوي متطورة.

ويرى الموقع أن خسائر أنقرة من الطائرات المسيرة في الشرق الأوسط خلال الأشهر الأخيرة ليست بالأمر العابر، لا سيما أنها طالت ما لا يقل عن أربعة طرازات مختلفة من المسيرات التركية. غير أن فقدان طائرتين من طراز "أقنجي" في غضون أسبوعين يُعد تطورا أكثر دلالة، نظرا لكون "أقنجي" هي الأكثر تقدما بين المسيرات التي أدخلتها أنقرة الخدمة العسكرية وصدّرتها إلى الخارج.

وكانت تقارير سابقة قد تحدثت أيضا عن أن مسيرات "بيرقدار تي بي 2" غابت بشكل شبه كلي عن ميادين القتال في أوكرانيا. فقد استفادت المسيرة من حالة الارتباك التي رافقت انطلاق الغزو الروسي في شباط - فبراير 2022، ما أتاح لها تحقيق ضربات دقيقة في المراحل الأولى من الحرب.

 إلا أنه ما إن أدركت موسكو طريقة عمل هذه المسيرات، حتى فقدت عنصر المفاجأة، وتراجعت فاعليتها على الجبهات.