أمين صالح واحد من أبرز الذين اوقدوا مشاعل الحرية. 

كتب : ا.د : فضل الربيعي 

كتابات وتحليلات الجنوب برس 

                     رحمة الله عليه  

قال الله تبارك وتعالى: (كلُّ مَن عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، وقال الله عز وجل: (كلُّ نفسٍ ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون).

بدأية نقر اننا لانستطيع أن نصف رجلا من رجال الوطن والساسه ونعطيه حقه في بضعة صفحات أو كتابات قصيرة كهذه المرثية.

يٌعد أمين صالح واحد من أبرز وانبل الشخصيات الناضجة الناصحة والبارزة  في الوسط السياسي والاجتماعي، له من اسمه نصيب كان الأمين المؤتمن على قضية وطنه والصالح في أعماله ومواقفه.

احتل مكانه خاصة في وجدان وحياة ممن عرفه ، كان انسانا ودودا وبارعا رصينا، مقنعا بحديثة الهادى سلس في توصيل أفكاره للاخرين. 

كان رجلاً حكيما ، يتحدث بهدوء، ويناقش بموضوعية، ويتمنطق بالحجج والأدلة الداعمة لافكاره. 

 لقد فجعنا برحيلك المفاجئ، ايها الإنسان الشامخ الثائر الصابر المثابر رقيق المشاعر، دمث الأخلاق، حِسن النية، طيب القلب.    

 نتذكرك اليوم.. نتذكر كيف كنت بيننا بالأمس القريب، ولازلنا غير قادرين على تحمل واستساقة ما حصل..! 

لقد كان مماتك شديد الوطأة علينا وعلى كل من عرفك وحبك،  واشد مرارةً على عائلتك وأولاد ك. 

ندعو الله أن يصبر اهلك ، ويصبرنا جميعا وان يجعل مثواك الجنة. 

كانت مسيرة حياة امين  غنية بمعاني الإنسانية والوطنية، مملؤه بروح التفاءل والتسامح والأخوة والكبرياء. 

 إنه مثالا للفارس المقدام في جود الأرض..  والطائر المحلق في سماء الآمال داعيا للحرية والاستقلال.

لم تكون  معرفتي بالمرحوم معرفة عادية بل كانت كامنة تتلمس كثير من تفاصيل حياته النضالية حيث جمعنا الموقف والاتجاه وخضنا تجربة

النضال من أجل تحرير الوطن خلال سنوات طوال. 

 استطيع القول بانه  كان شجرة مغروسة في مجرى المياه تعطي ثمارها في أوانها، وورقها لا يذبل .

 كان قلبه نابضا بحب وطنه الجنوب، مناضلا صامدا تبلورت شخصية الرائعة مع صراع الهوية والحضارة، كانت الجغرافيا والتاريخ والمعاناة قد صنعت منه طاقة متجددة، في مسيرة النضال . 

كان وطنيا من الطراز الرفيع  شامخا في العُلا وموقناً بان الحق عائد مهما طال الليل وتزاحمت الأجندات، وساد الفساد والعنجية البلاد.

إلا أن مشيئة ربنا الاكرم كانت قد خطفته علينا قبل ان تنجو سفينتنا إلى بر الأمان وتكتحل عيناه بميلاد دولتنا المستقلة وعاصمتها عدن ، والذي طالما كان توقاً لها،. عبرت عنها مواقفه وتفاصيل مسيرة حياتك النضالية..

كان كغيره من زملاءه ينتظرون شروق الشمس على ارضنا من جديد ينبلج فيها فجرا منيرا جديدا .. تزهو فيها الأرض بحللها الجميلة،.. يزول منها الهم والاستبداد والفوضى، والنميمه، يعم فيها الخير والأمان، وتصون فيها دماء الابرار والاحرار، وتسمو  فيها قيم التسامح والوفاء .

هكذا هم الناس الاوفياء الشرفاء لا يتركون حياه الدنيا دون ان يكون لهم اثر يربطنا بهم بعد وفاتهم لاسيما عندما تكون اعمالهم تلك تحمل معاني ومضاميين انسانيه راقية تجعلنا نستحضرها في حياتنا ونستلهم منها دلالات تغني مسيرة كفاحنا وتأصل لمعاني الوطنية يسترشد فيها الاجيال اللاحقون في مسيره كفاحهم. كان امين ثائرا مخلصا  اباء إلا ان يعيش  في حرية وكرامة رافض للظلم والاستبداد ومصادره حقوق الآخرين، هكذا تصدر الموقف مع رفاقه الاوائل الذين رفعوا اصواتهم واقلامهم في وجه الطاقوت المستبد في مرحلة مابعد حرب ١٩٩٤م مرحلة احتلال الجنوب من قبل قوى صنعاء العسكرية والطائفيه والقبلية.

في زمن الصمت المطلق المفروض علينا بقوك السلاح وتهديدات الموت لمن يحاول حتى انتقاد الواقع الا ان امين ورفاقه القله كانوا من أسسوا  البدايات الأولى للكفاح التي عبرة عنها ذهنيته النبيهه ووعيه المستنير لمالات مستقبل الجنوب الذي وقع في قبضة قوى الشر والتخلف والظلام.

كنت قد تعرفت على الاخ امين صالح محمد بعد حرب ١٩٩٤م، في البدايات الأولى لبحث تأسيس الحراك الوطني الجنوبي هذا العمل الذي كان قد بدأ عبر التواصل المحدود  مع بعض الشخصيات والنخب ومن مختلف المحافظات الجنوبية كانت تتم لقاءاتنا لتداوس الاوضاع والبحث عن كيفية السير في النضال بدءا من تلك اللقاءات المحدودة التي كان أغلبها تتم بصوره سرية وبعيد عن الاضواء نظراً لقسوة السلطة وملاحقتها للمناضلين والناشطين. 

كان منزل الاستاذ الفاضل سليمان الكثيري ابو عبدالله ربنا يعطيه الصحة هو الذي يأوي كل المناضلين ومنه تتم عملية التواصل واثراء النقاشات عن اوضاعنا الماسأوية بعد حرب ١٩٩٤م كنا نلتقي بصورة مستمرة معدل يومين في الاسبوع  يوم الإثنين في منزله بخور مكسر ويوم الخميس في منزله الاخر بالدرين، احتوى كل النخب والمناضلين الأوائل للحراك الجنوبي الذين كانوا ياتون إلى المنزل من محافظات مختلفة في هذا المنزل تعرفت على امين صالح، وارتبطت به بصوره اكبر في العام ١٩٩٨م عندما اسسنا  اللجان الشعبية كاول مكونات ظهرت للعلن عبر الإعلان في صحيفة الايام حينها  تعرضنا جميعاً في اللجان الشعبية للاعتقالات  في عدن وفي الضالع الذي أعلن فيها اللجان ضمن خطة كانت معنا لإعلان اللجان في بقية محافظات الجنوب. 

استمرت علاقتنا مع الاخ المرحوم امين خلال مسيره الحراك الجنوبي جمعتنا عدد من الانشطة والمواقف وبرامج العمل، عرفته انسان سياسي مرن وقيادي فطن كان فعلاً من الرموز القيادية التي تحمل رؤية واضحة في الشان السياسي والمجتمعي. ما اود التركيز عليه هنا هو ابراز دوره ضمن الفريق الفني الذي عملنا فيه معا على مدار سته اشهر تقريبا دون ضجيج وبعيد عن الاعلام أنجزنا فكرة قيام المجلس الانتقالي عبر التواصل مع المكونات والقيادات التاريخية والنخب المجتمعية الجنوبية في الداخل والخارج لمناقشة فكرة قيام الإطار السياسي الجنوبي، وإعداد ادبيات ووثائق المجلس الانتقالي الجنوبي كنا مجموعة محدودة كفريق عمل فني عندما اسند لنا الرئيس القائد عيدروس الزبيدي مهمة اعداد الوثائق الخاصة للمجلس.  كان لأمين صالح  دور ا واضحا في عمل الفريق الفني واعداد وثائق المجلس، إذ كانت خبرته القياد ية السابقة وعلاقاته الواسعه داخل مكونات الحراك الجنوبي والمامه بتوجهات المكونات قد ساعد على تقريب تلك التوجهات للمكونات مع مضامين ما احتوته اديبات الانتقالي. وفي عملية التواصل الواسعة مع القيادات والنخب الجنوبية المختلفة. 

 كهذا هي الحياة نحل عليها ضيوفا عابرون، والموت هو مصيرنا .  

     رحمة الله تغشاه اخي وصديقي أمين، ندعو الله أن يجعل الجنة مثواك.. وان يسكنك فسيح جناته، ويجمعنا واياك في دار كرمه، ومستقر رحمته. انا لله وانا إليه راجعون. 

*أستاذ علم الاجتماع، رئيس مركز مدار للدراسات والبحوث. ورئيس لجنة الدراسات والبحوث والتدريب بالجمعية الوطنية الجنوبية.